الاثنين، 11 أغسطس 2014

حكايات من الماضي البعيد (3) :
في الصباح الباكر استيقظت علي صوت الرجال يؤدون صلاة الفجر ، وظللت مستيقظا حتى أتوا بالشاي وبعدها عدنا إلي المركب . ودعنا أهل الحي وشكرهم الرجال عل الضيافة ، وركبنا وهم يلوحون لنا بأيديهم بينما كانت المركب تبتعد عن الشاطئ محدثا صوت احتكاك عيدان الصوارى والأشرعة مع بعضها . كان الهواء ساكنا ، وقام الريس بوكسي بجذب الحبل المربوط به الشراع ، فانحلت حلقاتها ذاتيا دون أن يقوم الريس بتسلق الصاري ويفك حلقاتها حلقة حلقة ، فاستنتجت أن العقد التي تعقد علي الشراع عند طيها تعقد بطريقة تحل كل العقد عند جذب طرف الحبل من سطح المركب . ابحرت بنا المركب في هدوء والشمس لا تزال خلف الأفق لم تظهر أشعتها بعد. فجلست في طرفها أتامل حركة الماء عند اصطدامها بغاطس المركب .
في حوالي الثامنة صباحا وصلنا إلي فرس ، لاحظت قلة أشجار النخيل بالمقارنة مع نخيلنا في أرقين . فرس قرية وادعة بيوتها الطينية قريبة الشبه من ببيوتنا . يلفها سكون وليست مزدحمة . مجموعة من الأغنام والأبقار تتجه صوب المراعي بالقرب من النيل وبعض الفتيات يردن الماء لملء الأزيار تماما كما يحدث في ارقين ودبيرة واشكيت . امرأة عجوز تقو د قطيعها الصغير وهي تحرك بيدها علبة معدنية بها حصاوى تحدث أصواتا لحث القطيع علي السير إلي حيث هي تريد . وأخرى ذكرتني بالشبه جدتي التي رحلت قبل سنوات مضت .المسافة من النيل للقرية ليست ببعيدة وتكسوها شجيرات قصيرة . كل من قابلنا في الطريق كان يسلم علينا ( سلام ، مسكا داشو، سقرّى أخرو ، توقلي شديدمنو ، بركا مسكا دويسوقا..) . سألتهم والدتي عن منزل داؤد جمعة مساعد الحكيم في الشفخانة . دلونا علي المنزل بسرور وكأنهم اختزلوا آلاف السنين من الحواجز عندما سمعوا اسم داؤد الدكتور...........توجهنا مباشرة إلي منزل عمنا داؤد جمعة تغمده الله بواسع رحمته ، وكان يعمل وقتها في شفخانة فرس . فاستقبلتنا زوجته (زينب كريتة) متعها الله بالصحة والعافية ، وكانت صديقة لأمي ، وتربطنا بها وبزوجها داؤد صلة رحم . جيران زينب كريتة ، ما أن سمعن بأن هنالك ضيفة إلا وأسرعن بالمجئ لمنزل الدكتور لتحية الضيفة التي حلت بديارهن . تناولنا الفطور والغداء مع عمنا داؤد ، وبعد العصر اصطحبنا إلي نقطة الحدود . كنت تواقا لرؤية النقطة التي تحدث عنها الركبان . كنت أعتقد انها مباني حكومية مثل تلك التي ألفناها بالقرب من المدرسة في ارقين ، لكن خاب ظني عندما رأيتها خيمة بيضاء في سهل رملي ، وعلي بعد 100 متر منها نقطة مصرية بنفس الشكل . نواصل .https://www.facebook.com/Nubianpharaohs?ref_type=bookmark

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق